د.محمد أمين جاد
مرض نقص المناعة المكتسبة المعروف عالميا باسم الإيدز هو عبارة عن عدوى فيروسية بفيروس يدعى فيروس نقص المناعة البشرية ( HIV ) ، و هذا الفيروس يتسبب بتدمير جهاز المناعة للجسم ، و ذلك يكون بتدمير الخلايا المناعية الرئيسية و المسماة خلايا الدم البيضاء اللمفية المساعدة ( T4 Helper Lymphocytes ) و بدون هذه الخلايا المناعية يكون الجسم عرضة لأى عدوى ميكروبية دون القدرة على مقاومتها ،
مما قد يؤدى للموت بسبب تلك العدوى أو الأمراض الثانوية التى يصاب بها الجسم أى أن فيروس الإيدز نفسه لا يسبب موت الإنسان بشكل مباشر و إنما يجعله فريسة سهلة للأمراض و العلل الأخرى التى تسبب هى الوفاة و رغم أن الباحثين كانوا يتبادلون حالات هذا المرض منذ عام 1959م ، إلا أن أول حالة تم اكتشافها لمرض الإيدز كان في أمريكا فى شهر يونيو من عام 1981م ،
ثم تتابع بعد ذلك تشخيص حالات هذا المرض في جميع أنحاء العالم و أساس منشأ هذا المرض يعد مجهولا بالنسبة للأطباء و الباحثين إلا أنه يعتقد أن أول حالاته بدأت فى قارة أفريقيا ، حيث ثبت أن هذا المرض قد ينتشر كعدوى بين القرود ، و يمكن أن ينتقل إلى الإنسان عن طريق عضة أو خدش منها
كيف ينتقل مرض الإيدز من شخص لآخر ؟
بالرغم من اكتشاف أن الشخص المصاب بالإيدز يفرز الفيروس فى كل سوائل الجسم كالدم و اللعاب و الدموع و السائل المنوى ( فى الذكور ) و فى إفرازات المهبل ( فى الإناث )
إلا أنه تم تحديد ثلاث وسائل رئيسية لانتقال فيروس الإيدز و تشمل ما يلى :
أولا : الاتصال الجنسي و يعتبر الاتصال الجنسي غير المشروع السبب الرئيسي لانتقال الفيروس ، و يكون احتمال الانتقال أكبر في اللواط ( الشذوذ الجنسي ) ، كما يمكن أن ينتقل عن طريق القبل الحميمة بالفم
ثانيا : التعرض للدم الملوث
يصاب الأشخاص المتعاطين للمخدرات و الذين يستخدمون الحقن و الإبر بالمشاركة مع بعضهم البعض ، كما يمكن أن الأشخاص المتلقين للدم الملوث و الأشخاص المصابين بمرض الهيموفيليا قد يصابون بالفيروس نتيجة حصولهم على دم ملوث ، أو فى حالات زراعة الأعضاء
ثالثا : انتقال الفيروس من الأم الحامل المصابة بالمرض إلى جنينها
فالسيدات الحوامل المصابات قد ينقلن فيروس الإيدز للأجنة على الرغم من عدم ظهور أعراض الإيدز لديهن ، و ذلك يكون عن طريق اختلاط دم الأم مع دم الجنين عبر المشيمة و بدراسة حالات الإيدز ثبت أن فيروس الإيدز لا ينتقل عبر الممارسات الاجتماعية غير الجنسية مثل الانتقال عبر الهواء أو الغذاء أو الماء أو الحشرات أو الملامسة ،
و لم تظهر أي حالة إيدز نتيجة المشاركة في استعمال أدوات المطبخ أو المشاركة في غرف الدراسة أو الحمامات و تشير بعض الأبحاث التي أجريت في معهد باستير الفرنسى أن هذا الفيروس الخبيث قد يكون أكثر صعوبة و شراسة مما قيل للناس من قبل ، فلطالما دأبت السلطات الصحية على الإدعاء بأن فيروس الإيدز لا يستطيع البقاء خارج جسم عائله ،
و لكن باحثي معهد باستير أظهروا بجلاء و وضوح أن فيروس الإيدز يستطيع البقاء خارج الجسم ، بل يستطيع الحياة لمدة تصل إلى 11 يوماً في مياه المجاري غير المعالجة ، و بالتالي يتضح أن فيروس الإيدز ليس بالهشاشة التي كان يظنها الكثيرون سابقاً
لذلك فهذا الفيروس الخطير قد يستطيع العيش لأيام عديدة خارج الجسم في وسط جاف بحالة غير نشطة ، ثم ينشط بعدها و يصير معدياً بالغ الشراسة داخل الجسم
الأعراض والتشخيص
قد يكمن فيروس الإيدز في جسم الشخص لعشر سنوات أو أكثر بدون أن يحدث أي عرض يدل على الإصابة ، كما أن نصف الأشخاص المصابين بالإيدز يظهر لديهم أعراض مصاحبة لأمراض أخرى تكون في العادة أقل خطورة من مرض الإيدز نفسه
للمصاب بفيروس الإيدز مراحل عديدة و طويلة فى مدتها الزمنية كما ذكرنا أعلاه ، و نشرح هذه المراحل فيما يلى :
(1) بعد حدوث الإصابة بالفيروس بمدة تتراوح بين 3 إلى 6 شهور يتكون بالجسم ما يسمى بالأجسام المضادة لفيروس نقص المناعة HIV Antibodies ( يمكن الكشف عنها بتحليل دم لهذه الأجسام المضادة )
(2) يرافق تكون هذه الأجسام المضادة الإحساس بارتفاع طفيف بدرجة حرارة الجسم و تضخم بالغدد الليمفاوية و إحساس عام بالتعب و الإرهاق ، و يمكن تشبيه هذه الأعراض بأعراض الإصابة بالإنفلوانزا العادية
(3) سرعان ما تختفى هذه الأعراض و كأنها حالة إنفلوانزا عادية إلا أن الجسم ما زال يحمل الأجسام المضادة للفيروس التى سبق و ذكرناها
(4) الشخص فى هذه الحالة معدى لغيره بالطرق السابق ذكرها فى قسم كيفية انتقال الفيروس من شخص لآخر
(5) يظل المصاب هكذا دون أعراض واضحة إلى أن تظهر أعراض أخرى بعد مرور سنتين إلى عشر سنوات من الإصابة ، و تكون هذه الأعراض حادة و شديدة تشمل ما يلى :
– إحساس عام بالتعب و الإرهاق الشديدين دون سبب واضح للمصاب
– فقدان الشهية و فقدان الوزن بشكل ملحوظ
– نوبات إسهال مزمنة دون سبب واضح للمصاب
– التعرق الليلي بغزارة مع كحة و سعال
– إلتهابات فى الفم و اللثة ، و إلتهاب مستمر بالحلق
– يتضخم الكبد أو الطحال أو كليهما
– قد تحدث الوفاة نتيجة الإصابة بأمراض أخرى قاسية دون وجود مقاومة كافية مثل
( السرطان – الإلتهاب الرئوى – السل أو الدرن – و غيرها … )
اكتشاف و تشخيص المرض
في عام 1985م أصبح من السهل الكشف عن وجود دلائل فيروس الإيدز في الدم ، و بهذه الفحوص أمكن التحقق من وجود الأجسام المضادة لفيروس الإيدز ( HIV Antibodies )
و الأجسام المضادة هى بروتينات تنتجها خلايا دم بيضاء معينة عند دخول الفيروسات أو البكتيريا أو الأجسام الغريبة إلى جسم الإنسان ، و يدل وجود الأجسام المضادة لفيروس الإيدز في الدم على وجود العدوى بالفيروس ،
و باستخدام هذا الفحص للكشف عن فيروس الإيدز أمكن التعرف على وجود فيروس الإيدز في الدم في عمليات نقل الدم و لا يمكن الاعتماد على فحص الدم فقط لمعرفة و تشخيص الإيدز ، و قبل الحكم النهائي على الشخص بأنه مصاب بالإيدز فإن لدى الطبيب اختبارات أخرى مثل حالة المريض و تاريخه الاجتماعي و مظهره الخارجي